بقلم:محمد علي إبراهيم_ رئيس تحرير جريدة الجمهورية المصرية _
13_ 1 _ 2010
الفتنة والأمن والمحافظون
لا أحد في مصر يحاول التعامل مع أحداث فتنة نجع حمادي بتبرير مقنع.. المسيحيون نظروا إلي الجريمة بمنطق الاضطهاد.. والمسلمون نظروا إليها نظرة الثأر.
الأقباط غاضبون لأنهم يشعرون أن المسلمين يريدون تصفيتهم من علي "وش" الأرض.. المسلمون يقولون إن الفتاة المسلمة لو كانت قد تعرضت لحادث اغتصابها علي يد مسلم لكان الانتقام من عائلته سيتم بنفس الطريقة وربما أكثر.
الثأر في الصعيد لا يعرف تفرقة بين مسلم ومسيحي.. إنها ثقافة فشلت المدنية والحضارة والتوعية في إنقاذ الجنوب منها لأنها متغلغلة في العقول ومستقرة في القلوب.. كثيرون يقولون إن القصاص منصوص عليه في القرآن وبذلك فهو شرعي.. آخرون يؤكدون أن العين بالعين والسن بالسن والحرمات قصاص.
الأقباط ينتشر لديهم في الصعيد إحساس بالتفوق علي المسلمين لأنهم يملكون المال.. والمسلمون لديهم إحساس آخر بأنهم أكثر عدداً.. السلاح في أيدي هؤلاء وهؤلاء.. الاثنان يرفعان شعار الدفاع عن النفس.. والاثنان أيضاً سواء المسلمون أو الأقباط ينسيان في فورة الحماس الديني أن هناك وطناً اسمه مصر كان ينتظر من الاثنين أن يدافعا عنه بدلاً من أن يدافعا ضد بعضهما البعض.
وطننا صار مسلمين وأقباطاً وليس مصريين ومصريين.. الطفل الصغير يسأل زميله علي نفس "التختة" اسمك إيه بالكامل؟ ونفس السؤال يتكرر لكل طالب وظيفة أو لكل طلب هجرة للخارج! الوطن يتحول إلي الفتنة الطائفية دون أن ينتبه أو انهم انتبهوا وقرروا تنفيذ أجندة خارجية.
وللأسف الشديد فإن جزءاً من التحرش بين عنصري الأمة يعود إلي فهم خاطئ لدور المحافظ المسئول.. وليس سراً أن محافظ الإسكندرية مختلف مع البابا شنودة ومحافظ المنيا مختلف مع رهبان دير المحرق ومحافظ قنا المسيحي "مجدي أيوب" مختلف مع الأسقف كيرلس أو الأنبا كيرلس مطران نجع حمادي وما جاورها.. يجوز أن كيرلس تصور أن مجدي أيوب المحافظ سيجامله بسبب اشتراكهما في الدين وينسي مسئولية المحافظة التي ألقتها الدولة علي كتفيه.. ويجوز أن رهبان المحرق تصوروا أن أحمد ضياء الدين يجامل المسلمين من العربان علي حساب الدير والمساحة التي اقتطعت منه كما يقولون.. ويجوز أن لبيب اختلف مع البابا شنودة لأن الأخير كان يلقي معاملة متميزة من الوزير عبدالسلام المحجوب الذي كان محافظا للثغر سنوات طوالا وعندما جاء المحافظ الجديد وضع قواعد أخري للتعامل مع الحبر الأعظم.. يجوز ذلك كله ولكن المؤكد أن الدولة تحتاج أسلوبا آخر للتعامل مع الفتن النائمة التي تستيقظ فجأة وتأخذ وقتا طويلا لتعود للنوم مرة أخري.
التعامل مع الفتن يجب أن يتم من الآن فصاعدا بالحزم واللين معا.. هناك حوادث يجب علي المحافظ أن ينزل إليها ويطيب خاطر الناس.. وحوادث أخري عليه أن يواجه من يرتكبها بقوة ويجبره علي الانصياع لرأي الدولة.
التعامل مع الفتن يحتاج أسلوبا يسبقها ويوئدها بدلا من انتظار نتيجتها التي يمكن أن تكون كارثية ولها أبعاد مدمرة.. إننا مطالبون الآن قبل أن يعانق شيخ الأزهر البابا وقبل رفع شعارات الوحدة الوطنية ونقل ترانيم عيد الميلاد علي الهواء مباشرة أن نسأل أنفسنا: هل الدين أقوي من الدولة في بعض الأماكن؟ إذا كانت الإجابة بنعم فيجب أن تتحول بسرعة إلي لا.. لا يمكن أن يكون التطرف الإسلامي أو المسيحي أقوي من المحافظين أو سلطة الدولة.
جريمة نجع حمادي حدثت لأن مسيحياً ارتكب ما من شأنه مس الشرف.. والشرف في الصعيد أغلي من الدم.. إننا لا نقول ذلك لنبرر الجريمة المخزية. ولكننا نقوله لنؤكد أن القانون يسري علي الجميع.. القتل قصاصاً من العار يستوجب محاكمة عاجلة سواء كان القاتل مسلماً أو مسيحياً.
إن النائب العام الجليل يصدر توجيهات بعدم النشر في قضايا كثيرة حفاظاً علي سرية التحقيقات. ومن الضروري إصدار أوامر مشابهة في قضايا الفتنة الطائفية التي تتخذها الصحف الخاصة وسيلة لزيادة التوزيع وسكب البنزين علي النار.
فضائيات المساء تتدخل بلهيبها المقصود لتؤجج الفتن وتدعو أطراف الأزمة إلي عدم السكوت علي حقهم المهضوم..
المطلوب من معالي النائب العام أن يحيط قضايا الفتنة الطائفية بسياج من الحماية القضائية حتي لا يتخذها مشعلو الحرائق هدفا لإشعال الوطن كله.
الجريمة جريمة.. وإذا كان الضحايا مسلمين سيحاكمون ونفس الحال إذا كانوا أقباطا.. الدين لا يكسب معتنقه حماية من القانون.. الدين لله. لكن المواطنة للجميع وبالتالي فإن القانون يسري علي القبطي والمسلم سواء بسواء.. القانون والدولة لا يحكمان علي هذا بأنه كافر وذاك بأنه مؤمن.. هذه حدود الله وحقوقه..اما حقوق البشر فتطبق في الدنيا.
13_ 1 _ 2010
الفتنة والأمن والمحافظون
لا أحد في مصر يحاول التعامل مع أحداث فتنة نجع حمادي بتبرير مقنع.. المسيحيون نظروا إلي الجريمة بمنطق الاضطهاد.. والمسلمون نظروا إليها نظرة الثأر.
الأقباط غاضبون لأنهم يشعرون أن المسلمين يريدون تصفيتهم من علي "وش" الأرض.. المسلمون يقولون إن الفتاة المسلمة لو كانت قد تعرضت لحادث اغتصابها علي يد مسلم لكان الانتقام من عائلته سيتم بنفس الطريقة وربما أكثر.
الثأر في الصعيد لا يعرف تفرقة بين مسلم ومسيحي.. إنها ثقافة فشلت المدنية والحضارة والتوعية في إنقاذ الجنوب منها لأنها متغلغلة في العقول ومستقرة في القلوب.. كثيرون يقولون إن القصاص منصوص عليه في القرآن وبذلك فهو شرعي.. آخرون يؤكدون أن العين بالعين والسن بالسن والحرمات قصاص.
الأقباط ينتشر لديهم في الصعيد إحساس بالتفوق علي المسلمين لأنهم يملكون المال.. والمسلمون لديهم إحساس آخر بأنهم أكثر عدداً.. السلاح في أيدي هؤلاء وهؤلاء.. الاثنان يرفعان شعار الدفاع عن النفس.. والاثنان أيضاً سواء المسلمون أو الأقباط ينسيان في فورة الحماس الديني أن هناك وطناً اسمه مصر كان ينتظر من الاثنين أن يدافعا عنه بدلاً من أن يدافعا ضد بعضهما البعض.
وطننا صار مسلمين وأقباطاً وليس مصريين ومصريين.. الطفل الصغير يسأل زميله علي نفس "التختة" اسمك إيه بالكامل؟ ونفس السؤال يتكرر لكل طالب وظيفة أو لكل طلب هجرة للخارج! الوطن يتحول إلي الفتنة الطائفية دون أن ينتبه أو انهم انتبهوا وقرروا تنفيذ أجندة خارجية.
وللأسف الشديد فإن جزءاً من التحرش بين عنصري الأمة يعود إلي فهم خاطئ لدور المحافظ المسئول.. وليس سراً أن محافظ الإسكندرية مختلف مع البابا شنودة ومحافظ المنيا مختلف مع رهبان دير المحرق ومحافظ قنا المسيحي "مجدي أيوب" مختلف مع الأسقف كيرلس أو الأنبا كيرلس مطران نجع حمادي وما جاورها.. يجوز أن كيرلس تصور أن مجدي أيوب المحافظ سيجامله بسبب اشتراكهما في الدين وينسي مسئولية المحافظة التي ألقتها الدولة علي كتفيه.. ويجوز أن رهبان المحرق تصوروا أن أحمد ضياء الدين يجامل المسلمين من العربان علي حساب الدير والمساحة التي اقتطعت منه كما يقولون.. ويجوز أن لبيب اختلف مع البابا شنودة لأن الأخير كان يلقي معاملة متميزة من الوزير عبدالسلام المحجوب الذي كان محافظا للثغر سنوات طوالا وعندما جاء المحافظ الجديد وضع قواعد أخري للتعامل مع الحبر الأعظم.. يجوز ذلك كله ولكن المؤكد أن الدولة تحتاج أسلوبا آخر للتعامل مع الفتن النائمة التي تستيقظ فجأة وتأخذ وقتا طويلا لتعود للنوم مرة أخري.
التعامل مع الفتن يجب أن يتم من الآن فصاعدا بالحزم واللين معا.. هناك حوادث يجب علي المحافظ أن ينزل إليها ويطيب خاطر الناس.. وحوادث أخري عليه أن يواجه من يرتكبها بقوة ويجبره علي الانصياع لرأي الدولة.
التعامل مع الفتن يحتاج أسلوبا يسبقها ويوئدها بدلا من انتظار نتيجتها التي يمكن أن تكون كارثية ولها أبعاد مدمرة.. إننا مطالبون الآن قبل أن يعانق شيخ الأزهر البابا وقبل رفع شعارات الوحدة الوطنية ونقل ترانيم عيد الميلاد علي الهواء مباشرة أن نسأل أنفسنا: هل الدين أقوي من الدولة في بعض الأماكن؟ إذا كانت الإجابة بنعم فيجب أن تتحول بسرعة إلي لا.. لا يمكن أن يكون التطرف الإسلامي أو المسيحي أقوي من المحافظين أو سلطة الدولة.
جريمة نجع حمادي حدثت لأن مسيحياً ارتكب ما من شأنه مس الشرف.. والشرف في الصعيد أغلي من الدم.. إننا لا نقول ذلك لنبرر الجريمة المخزية. ولكننا نقوله لنؤكد أن القانون يسري علي الجميع.. القتل قصاصاً من العار يستوجب محاكمة عاجلة سواء كان القاتل مسلماً أو مسيحياً.
إن النائب العام الجليل يصدر توجيهات بعدم النشر في قضايا كثيرة حفاظاً علي سرية التحقيقات. ومن الضروري إصدار أوامر مشابهة في قضايا الفتنة الطائفية التي تتخذها الصحف الخاصة وسيلة لزيادة التوزيع وسكب البنزين علي النار.
فضائيات المساء تتدخل بلهيبها المقصود لتؤجج الفتن وتدعو أطراف الأزمة إلي عدم السكوت علي حقهم المهضوم..
المطلوب من معالي النائب العام أن يحيط قضايا الفتنة الطائفية بسياج من الحماية القضائية حتي لا يتخذها مشعلو الحرائق هدفا لإشعال الوطن كله.
الجريمة جريمة.. وإذا كان الضحايا مسلمين سيحاكمون ونفس الحال إذا كانوا أقباطا.. الدين لا يكسب معتنقه حماية من القانون.. الدين لله. لكن المواطنة للجميع وبالتالي فإن القانون يسري علي القبطي والمسلم سواء بسواء.. القانون والدولة لا يحكمان علي هذا بأنه كافر وذاك بأنه مؤمن.. هذه حدود الله وحقوقه..اما حقوق البشر فتطبق في الدنيا.
الأربعاء 13 يوليو 2011, 11:06 am من طرف أحلى حمودي
» رسالة أم حمصية الى ابنتها
الأربعاء 13 يوليو 2011, 10:57 am من طرف أحلى حمودي
» إنشاء منتدى أجمل من هذا المنتدى بتصميمي ومجانا
الثلاثاء 18 يناير 2011, 8:21 pm من طرف ربيع شعار
» أنا خلص .. بدي صيف !
السبت 18 ديسمبر 2010, 9:19 pm من طرف عازم
» القلم و الكلمة و الكرباج !!!
الإثنين 13 ديسمبر 2010, 12:54 am من طرف فاطمة نحلاوي
» أمّــــاه( خاص )
الخميس 04 نوفمبر 2010, 11:51 pm من طرف محمد عبد الستار طكو
» الرسم على الأسقف
الخميس 12 أغسطس 2010, 3:14 am من طرف shaema
» شوق الى أمي ... - بقلم : الشاعرة : غادة ملاعب -
الثلاثاء 27 يوليو 2010, 8:38 pm من طرف ربيع شعار
» قطر : الجدي الذي يلعب بعقول التيوس !!!!!
الإثنين 14 يونيو 2010, 5:16 am من طرف ربيع شعار